نشامى الاخباري _ ماجد عبندة
بالرغم من انني (معمم مخول) اي ان أعمامي واخوالي من نفس العشيرة (العبندات) الا ان ابي رحمه الله عودنا ان ندعو كل عُمَري بخالي لان اخواله عمرية من قرية (حبكا) وكان ابي يصِّر على تعزيز العلاقة بيننا و بين اخوالة فقد كان لا ينقطع عن زيارتهم ويصطحبنا معه في كل مناسبة لقد كانت (حبكا) قرية صغيرة لكنها كانت جميلة خاصة عندما نزورها في موسم العنب والتين والصبر .
لقد كان منظر البقرة التي تحتل غرفة في حوش البيت كأحد أفراد العائلة مثيرا وجميلا لمن يشاهدها ، اما الماعز والدجاج فقد كان يتسابق في ساحة البيت المغلق ببوابة كبيرة من الخشب والصفيح يتوسطها (خويخة) وهو باب صغير يُغني عن فتح البوابة .
كان (خالي حسن) مزارع بسيط لطيف وودود يحب جدتي كثيرا ويحب أولادها واحفادها كيف لا وهي كانت تبادله الحب دون أن تصرح أو يصرح به .
كانت شوارع القرية ترابية متعرجة لكنها جميله عندما تنظر إلى الجنوب ترى بناء على رأس الجبل قالوا انه مدرسة القرية كنت أتعجب لماذا تبنى المدرسة هناك ؟ ويضطر الاولاد لقطع هذه المسافة الطويلة صعودا ونزولا للوصول اليها . لم أجد لهذا السؤال جوابا حتى عندما صرت مديرا للارشاد الزراعي و زرعنا حديقة المدرسة بالزعتر .
كان في القرية مسجدين أحدهما قديم والآخر جديد نسبيا لكن عدد المصلين لا يكاد يملئ أحدهما يوم الجمعة فاتفق الاهالي على أن تكون الصلاة في مسجد واحد في كل جمعة .
كنا نشرب من زير مركون في زاوية الحوش ومغطى بغطاء من الخشب لكن عندما وصلت المياة للقرية خُصصت حنفية لكل بيت توضع في مكان بارز في أول الساحة اما الكهرباء فقد تأخرت كثيرا حتى وصلت .
اما بيت الخلاء فهذا قصة وحده والذهاب اليه ليلا مغامرة لا تحمد عقباها .
كنت أظن أن أهل حبكا لا يأكلون الا المنسف فقد كنت اكله كلما ذهبت مع ابي لفرح او ترح ، وكان لاهل حبكا عادة جميلة فقد كانوا يطبخون في بيوتهم اذا مات احدهم وكل منهم ياخذ معه مجموعة من (الغُربية) وبذلك يحملون الحمل جميعا دون أن يتكلف واحد به وكان نصيبنا دوما عند اخوال ابي (العبد او حسن) .
الان كبرت حبكا وأصبح فيها أكثر من مدرسة وأكثر من جامع وتآكلت البساتين وازدادت المساكن الحجرية لم يبق عنب او تين ولم يعد يشرب احد من زير ، شوارعها معبدة بالازفلت ومنارة بالكهرباء . لا يوجد بالبيوت لا ابقار ولا أغنام ولا حتى دجاج واندثرت افران الطين وأصبح الناس ياتون بالخبز والدجاج من اربد . باص حبكا الذي كان يشكو قلة الركاب ولا يتحرك الا مرتين من حبكا صباحا ومن اربد بعد الظهر أصبح باص سرفيس لا يهدأ . تغيرت الحياة واختلفت القرية لكن أهلها ما زالوا بطيبتهم يحيوني كلما يروني بقولهم : هلا بالخال .