نشامى الاخباري _ عروة العظامات
في ليلةٍ من ليالي الفخر التي لا تُنسى، كتب منتخب النشامى فصلاً جديدًا في سجل المجد، ومضى بثبات نحو نصف النهائي، حاملاً معه قلوب الأردنيين قبل رايته، وصوت المدرجات قبل صافرة الحكم. لم يكن الفوز مجرد نتيجة على لوحة إلكترونية، بل كان حكاية وطن، وإرادة رجال آمنوا أن المستحيل مجرد كلمة.
دخلوا النشامى المواجهة بعيونٍ لا تعرف الخوف، وبقلوبٍ لا تنحني، فكان الأداء انعكاسًا صادقًا لروح المنتخب: انضباط، شجاعة، وقتال حتى الرمق الأخير. كل تمريرة كانت وعدًا، وكل التحام كان رسالة، وكل هدف كان صرخة فرحٍ تعانق السماء. هكذا يُصنع الانتصار… وهكذا يُولد الفخر.
وفي قلب هذه الملحمة، وقف يزن النعيمات عنوانًا للفداء، ومثالًا حيًا لمعنى أن تلعب من أجل الشعار لا من أجل الجسد. أُصيب، تألّم، ترنّح، لكنّه لم يستسلم. واصل القتال رغم الألم، جرى وهو يطارد الكرة كما يطارد الحلم، حتى جاء الوقت الذي لم تعد فيه قدماه قادرتين على حمله، فسقط الجسد… وبقيت الروح واقفة. مشهدٌ اختصر معنى النشمي: أن تؤلمك الإصابة، لكن يؤلمك أكثر أن تتخلى.
يزن لم يكن مجرد لاعب في تلك اللحظة، بل كان قصة تُروى للأجيال، ودليلًا على أن قميص المنتخب الأردني لا يُرتدى، بل يُحمل كأمانة. خروجه كان مؤلمًا، لكنه خرج مرفوع الرأس، وسط تصفيقٍ لا يليق إلا بالأبطال.
واليوم، تتجه قلوب الأردنيين قبل أنظارهم نحو عودة يزن إلى الملعب، يترقبون لحظة ظهوره من جديد، ويدعون له بالشفاء العاجل، مؤمنين أن النشمي لا يغيب طويلًا، وأن من قاتل حتى آخر نفس سيعود أقوى، لأن عزيمته أكبر من أي إصابة، وروحه لا تعرف الانكسار.
واليوم، النشامى يقفون على أعتاب الحلم، رافعين راية الأردن عاليًا، متسلحين بدعاء شعبٍ بأكمله. نسأل الله أن يكتب لهم التوفيق في نهائي كأس العرب، وأن يبارك خطواتهم، ويمنحهم القوة والثبات، وأن يمتد هذا الحلم ليصل بهم إلى أبعد مدى في تصفيات كأس العالم، حيث لا مكان إلا للكبار، ولا صوت يعلو فوق صوت الطموح.
هذا منتخب لا يكتفي بالوصول، بل يحلم بالوقوف على القمة. منتخب إذا سقط نهض، وإذا جُرح قاتل، وإذا وُعد أوفى.
تحيةً للنشامى…
تحيةً ليزن النعيمات…
وتحيةً لوطنٍ علّم أبناءه أن المجد لا يُمنح، بل يُنتزع.
