نشامى الاخباري – عمر أبو الهيجاء
 في الأمسية الشعرية الثالثة ضمن فعاليات “مهرجان المفرق للشعر العربي في دورته العاشرة” التي أقيمت مساء أمس في المكتبة الوطنية، بمشاركة الشعراء: أيوب الزيود، شفيق العطاونة، ورنا بسيسو، جاسر البزور، محمد نصيف، ود. إيمان عبد الهادي، بحضور عبد الله العويس رئيس الدائرة الثقافية في الشارقة ومحمد القصير مدير الشؤون الثقافية، وفيصل السرحان مدير بيت الشعر بالمفرق، وأدارت مفردات الأمسية الإعلامية هاجر شاهين وسط حشد من المثقفين والشعراء والإعلاميين.
 واستهل القراءة الأولى الشاعر أيوب الزيود شاعر يمتلك ناصية الشعر ويبحر عميقا في جماليات اللغة مستحضرا الحياة التي في داخله محطات كثيرة فكانت كما يقول:
 “في لجة الليل دمع اليل ينسكب
 ومني سئمت ومني ملّت الكتب”.
 القراءة التالية للشاعر شفيق العطاونة من فلسطين فقرآ غير قصيدة استحوذت على إعجاب الحضور لفنيتها ولغتها التي عاينت مجريات الواقع المعاش، منها نقرأ:
 “على قلق أنا والقبّرات
 على قلقٍ أنا والقبّراتُ
 تَنَازَعُنا همومٌ مثقَلاتُ
 أُسائلُها، إلامَ الحزنُ يبقى
 وتُقتَلُ في الصّدورِ الأمنياتُ
 إلامَ بحضرةِ الآمالِ فينا
 تَعيثُ بنا الحياة، ولا حياةُ
 تعبنا يا بلادُ فأمهلينا
 ليرقأ دمعَ غربتِنا الشّتاتُ
 فمنذُ انفضَّ سامرُنا تعبنا
 وحادي العيسِ أنهكَهُ السُّباتُ
 هَبينا من رحيقِ الطّهرِ وِردا
 نفكُّ سموم ما نفث الجناةُ”.
 أما الشاعرة د. رنا بسيسو قرأت مجموعة من نصوصها الشعرية المتميزة بلغة مدهشة ومعبرة دواخل الإنسان وخصوصية المرأة وشؤونها، وكانت قراءتها معبرة عن الذات الشاعرة.
 ومما قرأت تقول:
 “وقالت زهرةٌ للرّوضِ يوما
 ستحسُدُك الصّحارى الشّانئاتُ
 ويعلو سِربَ أيْكَتِكُم شجونٌ
 وتنعيك الفراشاتُ الثّقاتُ
 فيا ليلَ الأحبّةِ كيف تغدو
 إذا ما أشرقت فينا الأُباةُ
 وشقّ دثارَ أمّتنا شهيدٌ
 وزغردَ بالدّموع الأمّهاتُ
 سأدّخرُ السّنابلَ في فؤادي/لتأكلَها السّنونَ القاحلاتُ/
 فدونَكِ يا بلاد العُربِ قمحي
 فيكفيني من الأملِ الفُتاتُ
 لقد أرسلت
 رياح النّهر
 أقِلّي يا رياحَ النّهرِ ما لا
 يَدُكُّ بثقلِ ما فيهِ جِبالا
 وينحتُ من دموعِ الغيمِ صخرًا
 كصخرٍ قد أذاقوهُ بِلالا”.
 فيما قرأ الشاعر جاسر البزور غير قصيدة عمودية محكمة البناء والمعنى وتقف على محطات كثيرة في الشأن الإنساني وتأملات حياتية تفيض بدهشة القول الشعري قصائد موشحة بالحزن الشفيف.
 من قصيدته “طَيفٌ في مَشهَدِ الحُزنِ” نطالع:
 “تَجَهَّزتُ للأيامِ بالتّرسِ والسَّيفِ
 وقمتُ بقتلِ الخَوفِ من شِدَّةِ الخَوفِ
 فَأُسقِطَ عنِّي الوَهمُ ثَوبًا مُمَزَّقًا
 وَلا تُلبَسُ الأوهامُ إلَّا عَلى الضَّعفِ
 نَعيشُ عَلى أرضٍ كَريمٌ تُرابُها
 ولكنَّنا قمحٌ لِطاحونَةِ السُّخفِ
 سَتَحمِلُنا ريحُ المجانينِ ثَورَةً
 وتُحرِقُ ما يَبقى عَليها مِنَ الحَشْفِ
 يَقولُ ليَ العَيَّافُ يَكفي تَجَهُّمًا
 وفيهِ انفعالٌ يَعلمُ اللّٰهُ ما يُخفِي
 فَقُلتُ ومالَت للذُّبولِ نواظِري
 وَكَفِّي تَصُبُّ اليَأسَ في باطِنِ الكَفِّ”.
 وكانت لقراءة الشاعر والإعلامي العراقي محمد نصيف الذي أخذنا إل مساحات في عمق التاريخ مستعيدا جراحات الأندلس وعذابات العراق واليمن وفلسطين بلغة موجعة ونابضة بمعنى الحياة وعشق الوطن.
 من قصيدته “عشتارُ وجراحُ الأندلس” نقرأ:*
 “تـبخـتـري واتركيني حامِـلًا ألـمي
 تيهي هوًى واعلمِي أنَّ المُراقَ دَمِي
 تـمـايـلي كـبـريـاءً والهـوى ضَـرَمٌ
 يجـرُّ قـلـبـي إلى دنـيـا مِـنَ الضَّــرَمِ
 هِلِّي كـسـاريـةٍ يـا أعـذبَ امــرأةٍ
 راحـتْ بـقـامـتِـهـا تخـتـالُ كالحُـلُمِ
 عيناكِ والشَّعْـرُ والأقراطُ تحمِلُني
 إلى مـداراتِ لـيـلٍ طـيّــبِ الــنَّــسَــمِ
 كشاطِئٍ ونجومُ الليـلِ قد سَقَطَتْ
 على مداهُ فذابَ الضـوءُ في الظُـلَمِ
 يا وجهَ عشتارَ يا مَنْ فيكِ مُخْـتَـصَرٌ
 زهوُ الحضاراتِ إذ يـمـتـدُّ في القِدَمِ
 مِنْ بينِ عينيكِ فينوسٌ قد انبـعـثـتْ
 تخيطُ مِنْ شَعْرِكِ الشَّلالِ قيدَ فَمِي”.
 واختتمت القراءات الشعرية الشاعرة الدكتورة إيمان عبد الهادي فاستحضرت سمرقند والمادة التاريخية بلغة عالية المعنى والمبنى، شاعرة
 تقول في قصيدتها ” أشواق المجاز الذبيح”:
 “نسلتُكَ كالنّـــــجمِ ضَوءاً فضَوءاً
 وصـــــــــــــولاً لجوهرِكَ الغامِــــــــــــــــــــــــــضِ
 .وطــــــــــاردتُ زئبقَكَ النّــــــــــــــــــــــــــــــــــــبويَّ
 ســــــــــــــــمـــــاءً من الأزرقِ الرّاكِــــــــــــــــــضِ
 وأدركــــــــــــــــــــــــــــــتُ في آخرِ الأمرِ نفسي
 وقدْ سَبَحَت في النّدى الفائِضِ!
 .ريــــــــــــــــــــــاضاتُ روحي التي أشعـلتني
 تشــــــــــــــــــــــقُّ على حبِّكَ العــــــــــــــــــارِضِ
 إلى غائِرِ الأرضِ/ فوقَ الغيومِ
 …. فديـــــــتُكَ من رافِعٍ خافِــــــــضِ..
 تـــــــــــــــــــَــــــــــــــــــرَانيَ صوفيّةً فتُحِلُّ دمي
 وتخوضُ الجِراحَ مع الخـــائِضِ
 نسختُ صفاتِـــــــــــــــكَ في الأولياءِ
 فأوَّلتني: يا ابنةَ الفــــــــــــــــــــــارِضِ”.
 و في نهاية الأمسية تم تكريم الشعراء بشهادات التقدير.