نشامى الاخباري _ مدونة ماجد عبندة
عندما كنت طفلا كان ابي يرسلني لحسبة اربد لاشتري الخضار واحملها لأمي كي تطبخها . في سبعينيات القرن الماضي لم تكن البيوت البلاستيكية قد انتشرت كثيرا ولم يكن هنالك زراعة للخضار الا في السهول حول اربد والويتها وكانت الخضار تنزل للسوق حسب الموسم فالصيفي في الصيف والشتوي في الشتاء لذلك لم نكن نرى الملفوف والزهرة بالصيف وكذلك لم نكن نشتري البندورة والخيار والكوسا في الشتاء .
هذا الوضع الزراعي جعل المقلوبة الصيفية بالباذنجان والمقلوبة الشتوية بالزهرة اما مقلوبة الفول فهذه للربيع وللخريف مقلوبة البطاطا ، وكانت امي تلف ورق العنب صيفا والملفوف شتاء اما السلطات فكانت حسب الموسم ففي الصيف سلطة بندورة وخيار فان شح الخيار فزلطة بندورة وبصل وان شحت البندورة فسلطة خيار بلبن وان فقد الاثنان فسلطة خس او ملفوف او جرجير .
في تلك الايام كانت النساء مدبرات و يتعاملن مع الواقع الصعب ذي الخيارات المحدودة بحنكة وفن يفوق علم الاقتصاد المنزلي الذي تدرسه الطالبات اليوم بالجامعات ،
فلكل موسم اكلاته فالمكمورة خريفية والخبيزة ربيعية وقلاية البندورة صيفية اما الفطر فهذه اكلة الشتاء الذي يأتي بعد البرق والرعد والرياح المحملة بالأمطار .
اليوم في بلادنا لم يعد لمعظم الخضار مواسم وأهم ما ساهم بترسيخ هذا الأمر وجود اكثر من مناخ زراعي في المساحة الزراعية المحدودة في الأردن فمن الغور بتنوعاته إلى الشفا ثم السهول التي تعتمد على الأمطار ثم الجبال باختلاف ارتفاعاتها واخيرا البادية الاردنية شمالا ووسطا وجنوبا ، مما أدى إلى تداخل المواسم الزراعية وصعوبة التمييز بينها .
إضافة إلى ذلك اثر التطور المهني الزراعي خاصة في انتاج البذور الهجينة وإدخال البيوت المحمية إلى كافة مناطق المملكة أدى إلى تحديد مواعيد الحصاد وكمية الإنتاج الأمر الذي ساهم ايضا في تطور الزراعة الاردنية .
ومع ان انتاج وحدة الدونم ازداد بسبب ضبط الظروف الجوية واستخدام الاسمدة والمبيدات ومستلزمات إقامة البيت الزراعي من هيكل و غطاء بلاستيكي وشبكة ري الا ان الأسعار لم ترتفع كثيرا في موسمها وبقيت تراوح مكانها بزيادة طفيفة .
من المؤكد ان الخضار في موسمها ازكى ومفيدة اكثر الا ان المتطلبات الاقتصادية وحجم الطلب عليها داخليا وخارجيا يجعلنا مضطرين ان نزرع اكثر من موسم ونلجأ للزراعة غير التقليدية لزيادة حجم الإنتاج وتلبية الطلب المتزايد .