فلسطين

هل منح الاحتلال رخصة “دولية” بقتل الصحفيين؟

نشامى الإخباري-عبير كراسنة

في ممارسات صنفت بـ “جرائم حرب”، يواصل جيش الاحتلال الصهيوني عمليات القتل المتعمد للصحفيين في قطاع غزة، وسط محاولات فاشلة منه بطمس الحقيقة ومنع نشرها، في وقت لا تزال عمليات محاسبته محصورة ببيانات ادانة، وسط سيناريوهات محكومة مسبقا بحق “الفيتو” أو ما يعرف إن صح التعبير بالحماية الاستثنائية الدولية للاحتلال، الذي يعيق أية محاولات تقديم مجرميه إلى المحاكم.

خلال 72 يوما، ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة، فاق عدد الصحفيين الذين قضوا بقصف جيش الاحتلال، اعداد صحفيين قتلوا في معارك عالمية امتدت لسنوات.

حتى الآن، وتحت رخصة سياسية غير قانونية ممنوحة لجيش الاحتلال ليمارس عمليات القتل الهمجي، فإن 92 صحفيا استشهدوا بنيران العدو، وسط قلق مستمر من ارتفاع العدد مقابل غياب أي إجراءات رادعة.

اللافت، أن عمليات القتل المتعمد للصحفيين تستمر رغم وجود نوعين من الحماية، أولهما عامة باعتبارهم مدنيين، وثانية خاصة باعتبارهم صحفيين، وفق نصوص القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.

يقول أستاذ القانون الدولي الدكتور عمر محافظة، إن هناك حماية للصحفيين في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، ولهم نوعين من الحماية، أولا: حماية عامة باعتبارهم مدنيين وتعريف المدني ينطبق على كل من لا ينتمي إلى فئات المقاتلين المذكورة في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وفي البروتوكول الاضافي الأول الملحق بها، كما أن للصحفي حماية خاصة حيث ذكر بالاسم من بين الفئات التي يحميها البروتوكول الإضافي الأول.

وتابع محافظة ل نشامى الإخباري : عندما نقول أن الصحفي محمي فإن ذلك يعني أنه لا يجوز استهدافه وأنه حتى في حالات الضرورة العسكرية يجب على الطرف المهاجم أن يبلغ الصحفي “أي ينذره”، بمغادرة المكان بوسيلة مناسبة ووقت كاف، كما لا يجوز مهاجمة مقراتهم كونها تعد من الأعيان المدنية حيث يجب التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية وتوجيه الهجمات باتجاه الاهداف العسكرية، وحال تم استهداف الصحفيين ومقراتهم فإن ذلك يعد انتهاك جسيم وبالتالي تعد جريمة دولية (جريمة حرب أو جريمة ضد الانسانية).

وأشار إلى أن القانون من الناحية النظرية لحماية الصحفيين وضع بعض الضمانات، فقد اعطت اتفاقيات جنيف الأربع للدول الأطراف صلاحية محاسبة الأشخاص الذين يقومون بانتهاك قواعدها، لكن واقع التعامل الدولي يفيد أنه نادرا ما تقوم دولة بمحاسبة افراد قواتها المسلحة على انتهاكات قاموا بها أثناء نزاع مسلح.

لذلك وبعد طول انتظار، توصلت الدول بجهود الامم المتحدة إلى عقد مؤتمر دولي تمخض عنه الاتفاق على إنشاء محكمة جنائية دولية ومنحوها اختصاص محاكمة الافراد الذين يثبت أنهم ارتكبوا جرائم دولية، لكن ممارسة هذا الاختصاص لا يمكن تحريكه إلا من قبل دولة طرف او من قبل مجلس الأمن متصرفا وفق الفصل السابع الذي “لا يمكنه اتخاذ قرار إلا اذا وافقت الدول الخمس دائمة العضوية فيما يسمى حق الفيتو، أو من قبل مدعي عام المحكمة بعد أن يأخذ موافقة الدائرة التمهيدية”.

واعتبر أن هذه الضمانة قد لا تكون كافية، لأن أي ضمانة تحتاج إلى تعاون الدول مع المحكمة، وإلى رغبة المجتمع الدولي في المحاسبة، ويقع على عاتق الدول الكبرى مسؤولية كبيرة في هذا الجانب، ففي الحالة الفلسطينية وكما هو معلوم، تقف الولايات المتحدة مع دولة الاحتلال دائما، وهو ما يحول دون محاسبتها أو محاسبة أي من مسؤوليها على ما ترتكبه من جرائم.

وختم محافظة حديثه قائلا “بناء على ذلك، فإن هناك عراقيل كبيرة تواجه تفعيل الحماية القانونية، حتى تصبح رادع تحول دون تكرار الهجمات على الصحفيين وهي جميعها متعمدة، وهناك طريق آخر وهو تفعيل الاختصاص العالمي؛ وهو الذي تستطيع من خلاله أي دولة طرف في اتفاقيات جنيف ان تحاكم المتهمين بارتكاب جرائم دولية أمام محاكمها الخاصة، إلا أن هذا الطريق مليء بالعراقيل ايضا وعلى رأس هذه العراقيل الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الدول التي ترغب في تفعيل الاختصاص من خلال فرض العقوبات كما حصل مع بلجكيا التي اضطرت لتعديل قانونها الداخلي لتلافي عقوبات الولايات المتحدة عندما تم تسجيل دعوى ضد شارون عن جريمة صبرا وشاتيلا في السابق”.

ويؤكد مدير تحرير وكالة رم الأردنية الصحفي راكان قداح، على أن الاحتلال بات يستهدف الصحفيين وعائلاتهم وبيوتهم لقتل الحقيقة وتشتيت الصحفي عن القيام بواجبه، وما هو إلا برهان على أن الاحتلال لا يلقي بالاً للأنظمة والقوانين الدولية.

وأشار قداح الى نقاط القوة في القوانين الدولية التي تحمي الصحفيين، من حيث أن القوانين الدولية كفلت حماية العاملين في وسائل الاعلام، فاتفاقية جنيف الرابعة تضمنت بنودا تحمي الصحفيين العاملين في اماكن الخطر والحروب، أما فيما يتعلق بفلسطين فإن الصحفيين يُعتبرون أشخاصا مدنيين تجب لهم الحماية القانونية الدولية ضد أي اعتداء قد يتعرضون له.

وأضاف، إن المنظمات الدولية التي سنت قوانين حماية الصحفيين هي نفسها من وقفت عاجزة عن حماية الملاجئ والمستشفيات والمدارس والمساجد ودور العبادات وقتل ما يقارب 90 صحفيا وعشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء دون تحريك ساكن، مؤكدا على أن كل هذه القوانين ومن أقرها وصادق عليها وصدقها استثنى الإحتلال منها.

اظهر المزيد
الداعمون:
Banner Example

موقع نشامى الإخباري

نشامى الإخباري" هو موقع إخباري أردني متميز يقدّم لكم أحدث الأخبار المحلية الأردنية والعربية، نسعى جاهدين لتقديم محتوى إعلامي مهني وموثوق يساهم في توعية القرّاء وتوفير تحليلات موضوعية وشاملة للقضايا الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *