
مقالات
عبندة يكتب : صناعة البُسُط (الفِجَج)
نشامى الإخباري – مدونة ماجد عبندة
في سبعينات وثمانينات القرن الماضي انتشرت في اربد مهنة جميلة و مفيدة و هي صناعة البُسُط (جمع بساط) او كما كنا نسميها “الفجج” . ولهذه المهنة مرحلتان اولاهما تنجز في البيوت بواسطة “المغزل” والثانية تنجز على “النول” في السوق ومن اجل هذه الغاية نصبت في السوق عدد من الانوال في أماكن متعددة اذكر منها النول الذي كان في مجمع بشرى في آخر شارع السينما من الشرق والنول الذي نصب غرب الحسبة في آخر شارع السينما من الغرب إضافة إلى انوال متفرقة هنا وهناك .
كانت جدتي وبناتها وكنتاها (امي وسلفاتها) يتسابقن لعمل اكبر عدد من البسط واذكر ان امي أنجزت ١٥ بساطا .
تبدأ العملية بتجميع الملابس القديمة المصنوعة من الصوف او القماش بكافة أنواعه واذا لم تتوفر يتم شراءُها من سوق الملابس القديمة المستعملة “البالة” ، بعد ذلك تقص الملابس بحيث تتحول إلى شرائط رفيعة توصل فيما بينها وتغزل بالمغزل لتجمع على شكل كرات من الشرائط المجدولة . اما ملابس الصوف فيتم (كر) الخيوط الصوفية وعمل كُرات منها فان كان الخيط سميك يبقى كما هو وان كان رفيعا يجدل مع خيط او خيوط أخرى بواسطة المغزل وبعدها تحفظ .
تؤخذ الكرات إلى صاحب النول فيقوم بوزنها ليحدد الاجرة ويضع الكرات في كيس يكتب عليه اسم صاحبته بعد ان يفصل كرات القماش عن الصوف .
يبدأ الحائك بصناعة البساط مستخدما الكرات المتوفرة ليخرج معه في النهاية بساطا جميلا ذو الوان متعددة وأشكال متنوعة لكنه لا يتميز بالاتقان او الانتظام في الاشكال والألوان .
لقد عاشت هذه البسط عشرات السنين بعد انقراض هذه المهنة واستخدمت في بيوتنا بكثرة لسهولة التعامل معها وسعرها الرخيص واخم ما في الأمر انها نوع من انواع المحافظة على البيئة حيث يتم تدوير الملابس القديمة والتالفة لتتحول إلى بسط نافعة ومفيدة .
لا أدري لماذا اختفت هذه المهنة ولم نعد نرى تلك الانوال ؟ ألأن النساء لم تعد تحب هذا العمل ؟ ام لان التطور الذي اجتاحنا جعلنا نتكبر على هذه الأعمال ؟.