نشامى الاخباري _ محمود حميد التهتموني
في كل زاوية من زوايا بلدنا، بنلاقي قوانين وأنظمة بتنظّم حياتنا وبتضمن سلامتنا. والدولة، بواجباتها المفروضة عليها، بتاخد ضرائب على كل اشي، من الأكل للشرب، ومن ضمنها الكحول اللي بينباع بشكل رسمي ومُرخّص. والمفروض، بل الواجب، إنه أي منتج بينباع بترخيص حكومي يكون آمن ومراقب، ويخضع لأعلى معايير الجودة عشان ما يضرّش حدا. بس اللي شفناه الأيام اللي فاتت بوجّع القلب وبحط مليون علامة استفهام على كل هالحكي.
ناس ماتت، مش لأنه شربت، لأ، ماتت لأنه شربت سمّ، ميثانول مغشوش دخل السوق بحصانة عجيبة. بدل ما الدنيا تقوم وما تقعد، وبدل ما نسأل مين باع هالسمّ؟ ومين غشّ؟ ووين الرقابة اللي نايمة؟ صرنا بكل بساطة نلوم الضحية ونقول “ليش كان يشرب؟”. يا جماعة، هاد إشي بخزي، ومنافي لكل قيم العدل والرحمة.
الكل بيعرف إنه الدولة بتاخد ضريبة على كل قطرة كحول بتنباع. يعني، هي شريكة بالموضوع بشكل أو بآخر. ولما يكون في ترخيص بالبيع، يعني في مسؤولية على الدولة إنها تضمن سلامة اللي بتبيعه. بس الغريب إنه لما يدخل السمّ على السوق، الرقابة بتختفي، وبصحى صوت الوعظ والتنظير. كأنهم بقولوا: “اشربوا، بس إذا متوا، الذنب ذنبكم!”.
الغشاشين، اللي ما عندهم ضمير، سمّموا الناس بدم بارد. والدولة، اللي المفروض تحمي مواطنيها، إما نايمة وإما متغافلة عن هالفساد المستشري. والمؤسف أكثر إنه الناس، بدل ما توقف وقفة رجل واحد ضد اللي غش وسمّم، سابوا القاتل وعلقوا المشانق للقتيل. صار وكأنه ذنب اللي مات إنه شرب، مش ذنب اللي غش وباع سمّ.
هالشي عيب، وما بصير يمرّ مرور الكرام. التسمم مش غلطة اللي شرب؛ التسمم هو نتيجة مباشرة لفساد بلا رقابة، ولسوق سودة سايبة، ولإعلام خايف أو ما عنده الجرأة يحكي الحقيقة زي ما هي. ما بصير ندافع عن قانون بيسمح بالبيع، وبنفس الوقت بنسكت عن التسميم والقتل البطيء اللي بصير تحت عين القانون.
لازم نتذكر دايماً، إذا وقعت عينك على صاحب ذنب، فلا يقع في نفسك الكِبر، ولا تظنّ أنك خيرٌ منه. هو فُتن، وأنت – برحمة الله – قد نَجوت؛ فادعُ الله له بالهداية، ولنفسك بالثبات. هالمقولة بتنطبق على كل إشي بحياتنا، ومنها لما نشوف حدا وقع بخطأ، أو صار ضحية لخطأ غيره. بدل ما نجلده ونلومه، ندعي له، وندعي لحالنا نضل على الطريق الصح.
لازم نصحى، ونطالب بحقوقنا، ونحاسب كل مقصّر، سواء كان غشاشاً أو مسؤولاً. حياة الناس مش لعبة، والضمائر لازم تصحى قبل ما نصير كلنا ضحايا.