نشامى الاخباري _عبير كراسنة
كثُر الحديث خلال الفترة الأخيرة عن ملف حلّ مجلس النواب، ليتحوّل إلى أحد أكثر القضايا تداولًا في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط حالة من الجدل والترقّب، وهذا الملف عاد إلى الواجهة مع تصاعد النقاشات حول أداء المجلس في دورته الحالية، وتزايد الأصوات التي تتساءل عن مستقبل المرحلة التشريعية المقبلة، وما إذا كان المشهد يتجه نحو خطوة دستورية تعيد خلط الأوراق السياسية.
ويأتي هذا الجدل في ظل غياب أي حديث رسمي، ما أبقى الملف في إطار التكهنات والتحليلات، بين من يراه استحقاقًا سياسيًا تفرضه المرحلة، ومن يعتبره حديثًا سابقًا لأوانه تُغذّيه الأجواء العامة والضغوط المختلفة، وبين هذا وذاك، يبقى حلّ مجلس النواب بيد جلالة الملك عبدالله الثاني.
“منافي للواقع”
بدوره،أكد خبير قانون الدستوري الأستاذ الدكتور ليث نصراوين، أن حل مجلس النواب يُعدّ صلاحية دستورية أصيلة لجلالة الملك، إلا أن الممارسة الدستورية الأردنية لطالما ارتبطت بظروف سياسية محددة وموجبات واضحة، وهو ما لا يظهر وفق قراءات قانونية في الوقت الراهن، خاصة في ظل عدم وجود أزمات تشريعية أو تعطّل في عمل السلطة التشريعية أو حتى خلاف مع السلطة التنفيذية تبرر حل الاشتباك بينهما.
ومن الناحية السياسية، يرى نصراوين، أن الحديث عن حل المجلس ينافي الواقع المرتبط مع مسار التحديث السياسي الذي أطلقه جلالة الملك منذ عام 2021، والذي أُسست مراحله الأولى على إعادة تشكيل الحياة البرلمانية وتعزيز العمل الحزبي، وهو ما انعكس بوضوح في قانونيّ الانتخاب والأحزاب لعام 2022، اللذين طُبقا لأول مرة في انتخابات 2024.
المرحبة المقبلة
وأشار إلى، أن مخرجات المجلس الحالي، رغم ما يرافقها من ملاحظات وانتقادات، تُظهر حضورًا حزبيًا، وبداية تشكّل كتل وائتلافات برلمانية، تُعد جزءًا من المرحلة الأولى للتحديث السياسي، التي لم تكتمل بعد، ما يجعل إنهاءها مبكرًا أمرًا غير منسجم مع فلسفة الإصلاح المعلنة.
كما أكد نصراوين، أن المرحلة المقبلة تستوجب استقرارًا سياسيًا وتشريعيًا، تمهيدًا للانتقال إلى المرحلة الثانية من التحديث السياسي، والتي يُفترض أن تمنح الأحزاب مزيدًا من الوقت لتطوير حضورها، والاستعداد لانتخابات قادمة أكثر نضجًا وتنظيمًا.
سيناريو غير دقيق
واعتبر الخبير الدستوري، أن طرح سيناريو حل مجلس النواب في هذه المرحلة يُعد قراءة سياسية غير دقيقة، ولا يستند إلى معطيات واقعية، مبينا أن المجلس يمكن أن يكمل مدته الدستورية، في ظل غياب أي موجبات سياسية أو دستورية واضحة تفرض خلاف ذلك.
وأوضح نصراوين، أن تداول مثل هذه الطروحات دون أسس واضحة قد يسهم في إرباك المشهد العام، ويغذي حالة من الجدل غير المنتج، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى ترسيخ الثقة بالمسار الإصلاحي والذي يربطه جلالة الملك بالإصلاح الاقتصادي والاداري.