نشامى الإخباري_من عتبة منزله، يستذكر هاني صبيحات فرحته عند الانتهاء من بناء منزله الجديد في منطقة وادي الشياح في الرمثا. المنزل الذي يمثل خلاصة جده واجتهاده وشقاء عمره الذي شيده لبنة لبنة. إلا أن هذه الفرحة لم يعكر صفوها سوى الفيضان المتكرر للمكرهة الصحية والبيئية في المنطقة جراء تكرار فيضان مياه الصرف الصحية والتي بدورها تؤدي إلى انتشار البعوض والفئران مما يعد خطرا صحيا على “هاني صبيحات” وطفليه.
تتصاعد المخاوف والقلق بين السكان، وذلك نتيجة للأوضاع البيئية والصحية الكارثية التي تنذر بالخطر على حياتهم وحياة أطفالهم. يتسبب استمرار تدفق مياه مجاري الصرف الصحي غير المعالجة في تحول بعض مناطق المدينة إلى مستنقعات و برك مائية آسنة ، تتصاعد منها روائح كريهة، وتنتشر في جميع أنحاء المنطقة الحشرات والقوارض، مما جعل مجرى الوادي وبعض الأحياء شبه مغلقة. وتتجه الأصابع نحو شركة مياه اليرموك باتهامها بعدم أداء واجباتها في شفط المياه الراكدة التي تقترب من المنازل.
تندلع أزمة الصرف الصحي كالنار في الهشيم في الأماكن السكنية المكتظة، حيث يعاني السكان من انسداد الصرف وتجمع المياه العادمة في الشوارع. تنعكس آثارها السلبية على حياة الناس، حيث يتساءلون عن سبب تلك الحالة المزرية التي تحيط بهم، والتي قد تتفاقم حين يتسرب التلوث إلى شبكة المياه الشرب الواصلة إلى منازل الأهالي، مثلما حصل في حي الرويفة[1] في اربد ما أدى لإصابة عدد من الأطفال بأعراض التسمم، نقلوا على إثرها إلى المستشفى.
يعد المسؤول الأول والأخير عن شبكة الصرف الصحي في لأردن، وزارة المياه والري. حيث تشمل مهامها الرئيسية توفير المياه وإدارة أنظمة مياه الصرف الصحي بالإضافة إلى تخطيط وتنفيذ المشاريع المتعلقة بهذا القطاع. تقوم الوزارة بصياغة استراتيجيات وسياسات وطنية تهدف إلى تحسين استخدام وإدارة المياه، وكذلك تشجيع البحث والتطوير في هذا المجال.و تتنوع أهداف السلطة الوطنية للمياه لتشمل تحسين نظم المياه ومياه الصرف الصحي من خلال تطوير عمليات معالجة المياه وشبكات توزيعها. كما تركز على تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وتقليل استهلاك المياه غير المشمولة بالإيرادات المائية. ويعد ما نسبته 68 % من المواطنين مخدومين بشبكة الصرف الصحي بحسب بيانات الوزارة.
وبرغم التصريحات المتكررة واخرها في سبتمبر لهذا العام، للمتحدث باسم وزارة المياه والري عمر سلامة ، إنّ الأردن رابع دولة عربية بعد الإمارات والسعودية وقطر في البنية التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي[1]، الا أن هذه الشبكات تعاني من الترهل والفيضانات المتكررة في مناطق متعددة ، فبالإضافة الى الرمثا، هنالك شكاوى من الكرك وناعور والمفرق والبلقاء واربد وغيرها على مدى أعوام طويلة.
كما أشار تقرير من منظمة اليونسيف بعنوان ” المياه والصرف الصحي والنظافة”[2] بأن 77.3٪ فقط من أنظمة الصرف الصحي الحالية تتم إدارتها بأمان، وقد ازدادت كمية مياه الصرف الصحي على مر السنين، ويرجع ذلك أساساً إلى الزيادة السكانية الكبيرة (بما في ذلك اللاجئين) ، إذ قد أدى ذلك إلى عمل محطات معالجة مياه الصرف الصحي الحالية بما يتجاوز طاقتها التصميمية الأصلية.
وقد أدت الزيادة في عدد اللاجئين أيضا، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين، إلى زيادة حادة في كمية مياه الصرف الصحي، بما في ذلك مياه دورات المياه. ونظراً لأن مخيمات اللاجئين هي واقع طويل الأمد في الأردن، فإن استراتيجية إدارة مياه الصرف الصحي المستدامة ضرورية لضمان جودة معالجة مياه الصرف الصحي[3]
أزمة الصرف الصحي في الرمثا تتفاقم
يقع لواء الرمثا إلى الشمال الشرقي من محافظة إربد. ويشمل لواء الرمثا على منطقة البويضة، وبلدية سهل حوران وقراه (الشجرة والطرة وعمراوة وذنيبة). كما تحاذي محافظة الرمثا الحدود السورية شمالا بحد طوله 37 كم. تم تقدير عدد سكان الرمثا ليبلغ 257560 والذي يشكل 2 بالمئة من المجموع الكلي لعدد السكان في الأردن. [4]
يتواجد في الرمثا محطة للصرف الصحي بنيت في الثمانينات من القرن الماضي ( 1980 ) ، بمساحة 180,000 مترا مربعاً (م 2) وعلى بعد 1 كيلو من أقرب تجمع سكاني، وهي عبارة عن نظام معالجة بواسطة البرك المفتوحة. وتم توسعتها وتحديثها لتستقبل 5400 متر مكعب / اليوم (متوسط التدفق اليومي السنوي) وتحديثها الى نظام التهوية والذي بدأ تشغيله في عام 2005 .
حاليا 60 % من مدينة الرمثا متصل بنظام جمع مياه الصرف الصحي ومتصل بمحطة الرمثا لذلك تخطط وزارة المياه والري /سلطة المياه لتوسيع نظام جمع مياه الصرف الصحي ليشمل مناطق جديدة من مدينة الرمثا والقرى الواقعة إلى الشمال من محطة الرمثا ضمن مشروع سهل حوران.
وعلى مدى أعوام عديدة عانت المحافظة من تكرر فيضان مناهل الصرف الصحي والذي يُهدد بكارثة بيئية، حيث تتسرب كميات كبيرة من المياه العادمة إلى الوادي، تشكل بركًا ملوثة تنبعث منها روائح كريهة، وتجذب الحشرات والقوارض وفقًا لشهادات المواطنين المتضررين.
حيث لم يعد فيضان مياه الصرف الصحي مجرد ظاهرة عابرة في وادي الشياح، بل أصبح الان مكرهة صحية وبيئية تضاعفت على مدى سنوات عديدة، حيث يعاني السكان، خاصة الذين يعيشون بالقرب من المجاري، من واقع مأساوي يمتد على مسافة تقارب الـ3000 متر، يهدد صحتهم ويجعل من حياتهم اليومية تحديا كبير.
وأشار هاني (أبو جواد)، الذي يمثل صوت الجماهير المنكوبة في المنطقة، عن هذا الوضع المأساوي؛ ففي بداية كل صيف يبدأ الكابوس سنوياً ويتزايد شعورهم بالعجز. وكأن الأمور لم تكن سيئة بما فيه الكفاية، مع كل هذه الحشرات والقوارض وانعدام الرعاية للبيئة المحيطة، مما يترتب عليه انتشار رائحة لا تحتمل. هذه الرائحة الكريهة تغمر المكان، تتسلل إلى المنازل، وتكاد تجعل الحياة في هذه المنطقة أمراً شبه مستحيل، حيث يصبح من الصعب فتح النافذة لتمتع بالهواء العلليل في ليالي الصيف، بل ويطال هذا البلاء مسجد المنطقة.
وبينما يعيش السكان في هذا الوضع المرير، يؤكدون على أنهم لم يعدوا قادرين على التحمل ، خاصةً في فصل الصيف الذي يشهد ازديادًا في أعداد القوارض والحشرات. ولذلك تجدهم يجددون المطالبات من الدوائر المعنية للتدخل الفوري لإيجاد حلِ لهذه الأزمة الصرفية المتفاقمة، وضمان الحياة الكريمة للمواطنين والحفاظ على البيئة المحيطة. حيث راجع هاني الصبيحات وغيره من سكان المنطقة، العديد من الدوائر الحكومية المعنية. ورغم ذلك، يتفاجؤون بأن الأمور لا تزال على حالها، والإهمال الرسمي يطغى، على الرغم من الشكاوى المتكررة.
المواطنون يشيرون إلى أن الشركة تعتمد على سحب المياه بواسطة “الجت” فقط عندما يحدث انسداد، دون القيام بصيانة شاملة للخطوط القديمة. يؤكدون أن قدرة قطر الأنابيب التي تحمل المياه العادمة صغيرة جدًا وغير قادرة على تحمل ضغط الصرف الصحي الزائد نتيجة زيادة عدد المشتركين.
وتعبيرًا عن إحباطه وغضبه، يشير هاني إلى أهمية تدخل حكومي فوري للتعامل مع هذه الأزمة المستمرة، وينادي بضرورة تحسين البنية التحتية للصرف الصحي واتخاذ إجراءات فورية لتحسين جودة الحياة للمواطنين.
كما صرح رئيس بلدية الرمثا أحمد الخزاعلة أنه سيتواصل مع الجهات ذات العلاقة لإيجاد حل جذري لهذه المشكلة القديمة المتجددة والتي تعاني منها كثير من أحياء المدينة. وبين أن أجهزة البلدية ستقوم بمعالجة البرك قدر المستطاع ورش المنطقة بالمبيدات الحشرية.
مياه اليرموك وتبادل الاتهامات
تأسست شركة مياه اليرموك كشركة لإدارة قطاع المياه في الشمال في 2010 ، وهي مملوكة بالكامل لسلطة المياه الأردنية وفقا للقانون الأردني رقم ( 22 ) لسنة 1997 وهي شركة يديرها ويشرف عليها مجلس إدارة يتكون من ( 7) أعضاء، وتقدم الخدمات ضمن محافظات الشمال الاردني الاربعة (اربد ،جرش عجلون والمفرق).
وبينما يحمل أهالي منطقة وادي الشياح المسؤولية لشركة اليرموك، من تقاعس في توفير حلول دائمة وبطئ في الاستجابة ووسوء الامدادات وانعدام الصيانة الدورية إلا أنه في المقابل تعزي الشركة تكرار فيضان مناهل الصرف الصحي وانسدادها إلى أن الاعتداءات المستمرة على شبكات الصرف الصحي وسرقة أغطية المناهل، وبأن أن الأطفال يُلقون الحجارة داخل هذه المناهل، التي سُرِقت أغطيتها أكثر من مرة، مما يجعلها عرضة للتلف والاعتداءات المستمر.
وفي تصريح لمدير شركة مياه اليرموك، أشار أن هذه المنطقة تشهد فيضانات جزئية متكررة بسبب الاعتداءات المتواصلة وسرقة أغطية المناهل. كما و نفى المومني أن تكون شبكة الصرف الصحي قديمة أو مهترئة، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في الأعمال التخريبية التي يتعرض لها النظام. وبأن الشركة تعمل على بشكل دائم على إزالة الانسداد واستخراج المواد الصلبة.
لكن رغم إشارات الشركة إلى جهودها المستمرة لمعالجة تلك الحوادث، يظل السكان يواجهون تحديات يومية نتيجة لسوء الخدمة والتلاعب بالبنية التحتية. وحتى اليوم يتساءل الأهالي عن مدى فعالية إجراءات الحماية والتأمين، مع التركيز على ضرورة التحقيق الفوري واتخاذ إجراءات رادعة للحد من هذه الأعمال التخريبية وتوفير بيئة صحية أفضل للمنطقة.
عطاءات لمشاريع ولا شيء على أرض الواقع
عام 2021، وقع وزير التخطيط والتعاون الدولي، ناصر الشريدة، ومدير مكتب الوكالة الفرنسية للإنماء في عمان لوك لوكبيالك، ا اتفاقية منحة بقيمة 18 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي. وقد تم توجيه هذه المنحة من خلال آلية الاستثمار كجزء من حزمة تمويل بقيمة 98 مليون يورو، لدعم تطوير مشروع جديد لجمع ومعالجة مياه الصرف الصحي في مدينة الرمثا وسهل حوران.
وتستهدف المنحة تعزيز قدرة تجميع ومعالجة مياه الصرف الصحي لنظام الصرف الحالي، مع التوسع لتغطية المناطق غير المخدومة في منطقة الرمثا. ويتوقع أن يخدم مشروع مياه الصرف الصحي في الرمثا وسهل حوران نحو 180 ألف شخص بحلول نهاية عام 2030، مما يمثل زيادة بنسبة 61٪ في عدد المستفيدين من خدمات الصرف الصحي في المنطقة.
يشمل المشروع توسيع محطة معالجة الرمثا على مرحلتين لتصل طاقتها الإنتاجية إلى 22 ألف متر مكعب في اليوم، مع نقل المياه المعالجة إلى محطة معالجة مياه الصرف الصحي في وادي شلالة، ثم إلى قناة الملك عبدالله لتغذية القطاعات الزراعية في وادي الأردن. وتشمل المزايا المخططة للمشروع بناء محطة معالجة مياه الصرف الصحي بسعة 11 ألف متر مكعب في اليوم ومحطة طاقة تستخدم الغاز الحيوي الناتج عن عملية المعالجة، إلى جانب شبكة تجميع مياه الصرف الصحي بطول 100 كيلومتر و4 محطات ضخ لنقل المياه العادمة إلى محطة المعالج.
وعود مكررة وخيبة أمل في البلقاء
تقع محافظة البلقاء في الجزء الغربي من المملكة، وتتخذ موقعاً وسطياً بين محافظات المملكة. يبعد مركز المحافظة عن العاصمة عمان حوالي (29) كم. تضم محافظة البلقاء (5) ألوية هي: لواء قصبة السلط , لواء الشونة الجنوبية, لواء دير علا, لواء عين الباشا, لواء ماحص والفحيص ويبلغ عدد سكانها 582100 نسمة. ويتمثل التحدي الرئيسي في مجال الصرف الصحي في وجود حوالي 100,000 فرد في تلك المناطق يخلون خدمات الصرف الصحي، حيث يعتمدون حاليًا على حفر الامتصاص للتخلص من المياه العادمة، مما يشكل خطرًا على الصحة والبيئة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه محطة تنقية عين الباشا صعوبات في التعامل مع تدفقات تفوق السعة التصميمية، مما يتسبب في انبعاث روائح كريهة للمناطق المجاورة.
ومن المناطق الأكثر تضررا في المحافظة، هي منطقة إسكان المغاريب في السلط، إذ منذ أكثر من عشرين عاماً، يعيش سكان المنطقة في وضع يهدد سلامتهم وصحتهم العامة، وتضم المغاريب حوالي عشرين ألف نسمة، تعيش في أربع تجمعات إسكانية مختلفة، حيث يتواجد في كل منها حفرة امتصاصية تخدم الإسكان المجاور. حيث تتسارع المخاوف جراء الروائح الكريهة وتواجد الحشرات والجرذان التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. تُحيط بهم حفر الصرف الصحي الامتصاصية، التي لم تعد تحمل فقط عبئًا بيئيًا بل أصبحت تشكل تهديدًا مستمرًا لسلامة الأطفال الصغار الذين يمرون بالقرب منها.
“اسكان المغاريب”
يستمر السكان في التحدي مع هذه المعضلة البيئية والصحية، مع الأمل في أن تتخذ الجهات المعنية الخطوات الضرورية لحمايتهم وتحسين جودة حياتهم المعيشية. المواطن محمد سلامة الزعبي، يلخص المشهد بما تشهده منطقة إسكان المغاريب، قائلا لصحيفة أخبار الأردن الإلكترونية إنها كما بقية المناطق، تعاني من امتلاء الحفر الامتصاصية، والتي تنفجر في الشوارع وتؤدي إلى عرقلة الحياة العامة وخروج الناس من المنازل.
وفي تصريح سابق لسلطة مياه محافظة البلقاء، تم التأكيد على أن مسؤولية شبكة الصرف الصحي تقع ضمن اختصاص بلدية السلط الكبرى، حيث تم إنشاء الإسكان بواسطة “مؤسسة التطوير الحضري”. يعكس هذا التصريح الواقع الحالي للمشكلة، حيث يواجه السكان تحديات يومية بسبب غياب الحلول الفعّالة لمشكلة الصرف الصحي في المنطقة.
في بادئ الأمر، كان هناك مشروع يتوقع أن يحقق تلك الآمال المتعثرة، مشروع صرف صحي شمال شرق البلقاء. وكان السكان يراهنون على هذا المشروع لإنهاء مشكلة الصرف الصحي التي أعاقت حياتهم. وكما جرت العادة، تم الإعلان عن المشروع في بداية عام 2017، وحصل على تمويل سخي من الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي. وبعد مراحل طويلة من الدراسات وطرح العطاءات، جاءت الصدمة: الحكومة قررت إيقاف المشروع بحجة ظهور “سلبيات وتعقيدات جديدة”، منها صعوبة الحصول على الأراضي اللازمة.
اشار رئيس مجلس محافظة البلقاء ابراهيم العواملة الى رد وزير التخطيط والتعاون الدولي على مطلب ، مجلس محافظة البلقاء بتخصيص منحة لمشروع صرف صحي اسكان المغاريب بالرفض.
وتسائل الى متى يستمر تجاهل الحكومة لهذه الكارثة البيئية في مدينة السلط، وماذا سيكون رد الوزير اذا تم تخصيص منحة مماثلة لمنطقة أخرى . ودعا نواب مدينة السلط لدعم الجهود المبذولة من قبل مجلس محافظة البلقاء للضغط على الحكومة لتخصيص منحة لمشروع صرف صحي اسكان المغاريب لتفادي كارثة بيئية قادمة.
تعد المغاريب واحدة من العديد من المناطق في محافظة البلقاء تعاني من نفس المشكلة، مثل العامرية والزهوروغيرها. الزعبي يروي كيف أصبحت الحفر الامتصاصية الممتلئة تنفجر في الشوارع، تعرقل الحياة وتجبر الناس على مغادرة منازلهم. والوعود الزائفة من المسؤولين لم تكن سوى آخر نكبة، حيث اعتذرت وزارة التخطيط عن توفير تمويل للمشروع، مما أثار حفيظة واستياء السكان.
في رد رسمي، تحدثت وزارة التخطيط عن “سلبيات وتعقيدات جديدة”، ورفضت تقديم تمويل لمشروع الصرف الصحي في إسكان المغاريب. هذا الرفض أدى إلى تأزم الأوضاع في المنطقة، التي أصبحت في حاجة ماسة لتنفيذ المشروع نظرًا لارتفاع عدد السكان وتكرار شكاواهم. وبينما يستمر الجدل، يروي أحمد القداح، الناشط في مبادرة شباب المغاريب، قصص المعاناة اليومية للسكان. إنها قصة لا تحتمل، حيث يتجاوز عدد السكان 20 ألف نسمة، والموقف الرسمي يبدو غير مبالٍ.
في محاولة يائسة للتغلب على هذه الأزمة، يضطر السكان إلى الاعتماد على الحفر الامتصاصية بدلاً من شبكة الصرف الصحي، والتي تفيض بالمياه العادمة، تغمر الشوارع وتهدد حياة السكان. وفي فصل الصيف، تتفاقم المشكلة، حيث يتعذر على السكان فتح نوافذ منازلهم بسبب روائح الكريهة وانتشار الحشرات والقوارض. هذه المعاناة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، حيث يعيشون بين رغبة في النجاة واستياء من تقاعس السلطات. ومع تزايد الضغط، يفكر السكان في خطوات احتجاجية تصعيدية، بعدما أُغلقت جميع الأبواب أمامهم، وتبقى آمالهم في الصرف الصحي مكبلة بالمشاكل والتعقيدات.
في الختام، تظل أزمة الصرف الصحي في منطقتي المغاريب في البلقاء ووادي الشياح في الرمثا قضية حيوية تستدعي الاهتمام الفوري والجاد من قبل الجهات المعنية. على مر السنوات الطويلة، التي تكررت خلالها وعود الحكومة والتعهدات للمواطنين مثل هاني الصبيحات ومحمد الزعبي بتنفيذ مشاريع لتحسين البنية التحتية للصرف الصحي، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذه المشاريع لم تر النور بعد. يعيش سكان هذه المناطق في ظروف صحية صعبة، وتتسارع المخاطر البيئية والصحية نتيجة للتقاعس في التنفيذ.
يتطلب الوضع تحفيزًا فوريًا للتحرك من قبل السلطات المحلية والوطنية، وضرورة تخصيص الموارد اللازمة لإنهاء هذه الأزمة المستمرة. يجب أن يكون هناك التزام حقيقي بتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين في هذه المناطق المتضررة. لا يمكن تأجيل العمل الفعّال والجاد لتنفيذ المشاريع الصحية وتطوير البنية التحتية الصرف الصحي، حيث يعتبر ذلك أمرًا حيويًا للمحافظة على الصحة العامة والبيئة المحلية.