نشامى الاخباري _ داني القاسم
مع تصاعد الحديث عن إمكان عقد إتفاق تطبيع بين سوريا وإسرائيل، تبرز تساؤلات جدية حول الانعكاسات المتوقعة على الساحة اللبنانية، التي تقف منذ عقود في قلب معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي.
إذ إن أي تبدّل في موقع دمشق الإقليمي لن يكون حدثاً عابراً، بل سيفتح الباب على تغيّرات واسعة في موازين القوى في الشرق الأوسط، ما يضع لبنان أمام إستحقاقات سياسية مصيريّة.
فسوريا التي لطالما شكّلت جزءاً أساسياً من “محور المقاومة”، كانت تمثّل – إلى جانب طهران – داعماً رئيسياً لموقف لبنان المعارض للتطبيع. وفي حال خرجت من هذا المحور نحو اتفاق سلام مع إسرائيل، فإن لبنان سيبدو، من الناحية الإقليمية، كدولة معزولة أو متأخرة عن اللحاق بركب التسويات الجارية.
ورغم ذلك، لا يبدو أن بيروت جاهزة للسير على الطريق نفسه. فالواقع اللبناني المعقّد، والإصطفافات السياسية الحادة، ووجود “حزب الله” كلاعب محوري مسلّح، يجعل من فكرة التطبيع مع إسرائيل خياراً شديد الحساسية بل مستحيلاً في المدى القريب.
كما أن غياب توافق داخلي على سياسة واضحة تجاه إسرائيل، والانقسام حول دور الحزب وسلاحه، يزيدان من صعوبة اتخاذ موقف موحّد، حتى لو تغيّرت الظروف الإقليمية.
أي تغيير في مواقف دول الجوار سيزيد الضغط على الدولة اللبنانية، سواء من قبل الغرب أو من خلال الأطراف العربية التي تتجه تدريجياً نحو تسويات مع تل أبيب.
هذا الضغط قد يأخذ أشكالاً اقتصادية، دبلوماسية، وربما أمنية، في محاولة لدفع لبنان إلى مراجعة موقفه.
لكن إلى حين حصول تحوّل جذري في موازين القوى الداخلية، أو تبدّل في طبيعة الدور الإقليمي لـ”حزب الله”، يبقى لبنان خارج دائرة التطبيع، ولو إلى حين.