نشامى الاخباري_ الدكتورة رنا محمد داوود المهيرات
يأتي افتتاح جلالة الملك عبد الله الثاني للمبنى الجديد لنقابة المحامين الأردنيين ليعكس التزام الدولة الأردنية الراسخ بدعم مهنة المحاماة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من منظومة العدالة وسيادة القانون. فالمحامون هم الشركاء الأساسيون في تحقيق العدالة، ودورهم يتجاوز الدفاع عن الحقوق الفردية ليشمل حماية أسس الدولة القانونية وضمان تطبيق مبدأ المشروعية. ويمثل هذا الافتتاح خطوة استراتيجية نحو تعزيز بيئة العمل القانوني، بما يواكب المتغيرات والتحديات التي تواجه مهنة المحاماة في ظل التطورات التشريعية والقضائية المتسارعة.
إن وجود مقر حديث ومتكامل لنقابة المحامين يعزز قدرتها على أداء دورها التنظيمي والرقابي والتأهيلي بفعالية أكبر، حيث يتيح توفير التدريب المستمر للمحامين، وصقل مهاراتهم في مجالات متخصصة كالقانون الدولي وحقوق الإنسان والتحكيم التجاري، مما يسهم في رفع كفاءة الأداء القانوني وضمان مخرجات أكثر احترافية. كما أن النقابة، بوصفها المظلة الحامية لمنتسبيها، تحتاج إلى بنية تحتية تليق بدورها في الدفاع عن استقلالية القضاء، وتعزيز مبادئ المحاكمة العادلة، والعمل على تطوير التشريعات بما يواكب المعايير الدولية.
الرعاية الملكية لافتتاح هذا المقر الجديد تحمل في طياتها دلالات سياسية وقانونية عميقة، إذ تؤكد أن دعم الدولة للمؤسسات القانونية ليس مجرد التزام إداري، بل هو خيار استراتيجي يعكس رؤية ملكية تقوم على أن العدالة هي أساس الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي. فمن دون نظام قانوني قوي ومستقل، لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة أو تعزيز ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها. كما أن هذا الحدث يوجه رسالة واضحة حول الدور المحوري الذي تلعبه نقابة المحامين في التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، من خلال دورها في الرقابة القانونية وضمان عدم تجاوز القوانين أو الإضرار بحقوق الأفراد وحرياتهم.
النقابة ليست مجرد هيئة مهنية، بل هي أحد أعمدة الدولة القانونية، ووجود مقر متطور يعزز من استقلاليتها وقدرتها على التصدي للتحديات التي تواجه العدالة. فالدول لا تقاس فقط بقوة مؤسساتها السياسية أو الاقتصادية، بل بمدى احترامها لسيادة القانون واستقلال القضاء، ودور المحاماة هنا محوري وأساسي. والاهتمام بتوفير بيئة متطورة للمحامين يعكس إيمان القيادة بأن الإصلاح القانوني هو حجر الأساس لأي عملية تحول ديمقراطي حقيقي.
إن افتتاح المقر الجديد لنقابة المحامين ليس مجرد خطوة تطويرية بل هو تأكيد عملي على أن الأردن مستمر في ترسيخ دعائم الدولة القانونية الحديثة. وهذه الخطوة يجب أن تُستكمل بالمزيد من الإصلاحات القانونية التي تضمن تطوير التشريعات، وتحديث آليات التقاضي، وتعزيز استقلال القضاء، ليبقى الأردن نموذجًا في احترام الحقوق والحريات، وليظل المحامون حراسًا للعدالة وشركاء حقيقيين في مسيرة الإصلاح الوطني.