نشامى الإخباري – أ.د. وائل عبد الرحمن التل
حديثُ المَلِك عبدالله الثاني ابن الحسين عن الأرض حديثُ عِرض وعقيدة وإنتاج؛ فالأرض عنده رأس السّيادة، وَوَسْم الهويّة، ومنفعة وطنيّة كونُها عَصَب حياتِنا وقاعدة إنتاجية لحياتِنا، فيؤكّدُ دوماً على قيام مشاريع الزّراعات الكُبرى، وغَرْس أساسيات ولزوميات الغذاء، واستمرار تحسين نوعيتها وتطوير عمليات الإنتاج فيها، وفق رؤية وخطّة واستراتيجية وطنيّة، لتحقيق الأمن الغذائي الوطني ومصالح الاكتفاء الذاتي، ولتنعّمنا بعائدات التوريد، فجاء إنشاء «بنك البذور الوطني» التابع للمركز الوطني للبحوث الزراعية، الذي افتتحه الملك أمس الأوّل، ثمرَةً لذلك، فهو يهدفُ إلى الحِفاظ على السّلالات الوراثيّة النباتية، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين جودة البذور بما يُسهم في تطويرِ قطاع الزراعة وإنتاجِ أصنافٍ جديدة للأجيال القادمة، ومواجهة آثار تحدّيات التغيّر المناخي وشُحّ المياه وارتفاع أعداد السّكان واختلالات الأنظمة الغذائية وسلاسل الإمداد الغذائي العالمية، وهو ما أثلج صدر الأردنيين كلّهم.
وقد شعرتُ أن وصفي التل سيتجوّل في «بنك البذور الوطني»؛ فحديثُه عن الأرض حديث قيمة وفِكر وإنتاج؛ فالأرضُ عنده مُقدّسة، ومبعثٌ للطمأنينة والسلام، وارتباطُهُ بها كان جوهر وجوده عليها، فتشابَك انتماؤه لها مع هذا الوجود متجذّراً في نفسِهِ، فدعا وتابَعَ استثمارَها بالزراعة المناسبة لمناخِها وتربتها وبيئتها من أصناف الأشجار المتنوعة، وسقايتها، وحمايتها من التلوّث، ومعالجة أمراضها، وبَذْرِها بأنواعٍ جيّدة من بذار الحبوب والقمح، وأعدّ القوانين والتشريعات التي تحمي الأرض والزّراعة باعتبارهما قضية أمن دولة، وجعلَ زراعة الأرض البُور واجِباً قومياً، وأشرك طلاب المدارس والجامعة الأردنيّة وموظفي الدولة والمواطنين بزراعة السّنديان والصّنوبر والصّنوبر المُثمر والخَرّوب وأوتاد الرّمان وأوتاد التّين وبِزر اللوز المُر وبِزر السُّماق والبُطُم والسِّدر والرُّتُم (الرِّتِم) والبلّوط، وحمى الأرض المزروعة بالأشجار النادرة أو شبه المنقرضة باعتبارها ضرورة وطنيّة، وعمِلَ على استكثار زراعتها.
أخيراً، نسعدُ دوماً حين تقوم وزارة الزراعة ومركز البحوث الزّراعية التابع لها وكليات الزّراعة بالجامعات الأردنيّة بإجراء الدراسات العلمية والتحليلات الجّادة لمعرفة مقوّمات التربة وتركيبتها الفيزيائية والكيميائية ومناخها ونظامها في الرَّي لدقة اختيار أو اعتماد الغراس المثمرة والحُرجيّة المناسبة لها، واستكثار النادرة وشبه المنقرضة منها، وتحديد برامج الرّي والتسميد التي تتناسب معها والالتزام بديمومتها، وأتمنى أن يَطّلِعَ جميعُ المواطنين وطلبة الجامعات والمدارس، وبفَخْر، على تفاصيل «بنك البذور الوطني» بأقسامِهِ كُلِّها، من خلال زيارته عندما يُتاحُ ذلك، أو من خلال الموقع الالكتروني للمركز الوطني للبحوث الزراعيّة، فشكراً عظيماً جلالة الملك، ورحمَ الله دولة الشّهيد وصفي التل، وكلّ التقدير والاعتزاز بالمركز الوطني للبحوث الزراعيّة و»بنك البذور الوطني» بالمركز، والسّلام.