نشامى الاخباري _ مدونة ماجد عبندة
يوم عاشوراء كان عطلة رسمية في ثمانينات القرن الماضي في العراق وهو يوم له مكانة دينية عند الطائفة الشيعية لذلك كانت الحكومة العراقية توجه الحافلات العامة لنقل الركاب إلى كربلاء مجانا ، للمشاركة في احياء هذه المناسبة والتي تتمثل باحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين وال بيته “رضي الله عنهم أجمعين” .
توجهت مع اصدقائي منذ الصباح الباكر إلى مجمع الحافلات في “علاوي الحلة” كانت الحافلات العامة ما زالت تنقل الزائرين إلى كربلاء وكانت الأعداد كبيرة ويختلط فيها الناس من رجال ونساء واطفال لذلك قررت الذهاب بالسيارات الخاصة وهكذا كان . بعد ساعتين من السفر وصلنا مشارف كربلاء ، كان الجو يميل للحرارة فنحن ما زلنا في شهر تشرين الاول وأثار الصيف ما زالت ظاهرة ، كانت الحشود كبيرة والناس تملئ الشوارع والساحات .
كان صديقنا هاشم ابن كربلاء بانتظارنا فقد استقبلنا احسن استقبال ورافقنا في جولتنا . قلت لهاشم : نريد الدخول للمقام . فقال : لنحاول . لكن كل محاولاتنا باءت بالفشل فاعداد الناس كانت خيالية ولا مجال لموضع قدم .
في كربلاء يوجد مقامان متقابلان للامامين الحسين والعباس “رضي الله عنهما” يربط بينهما طريق واسع لكنه لا يتسع للزائرين فيتوزع الناس في الشوارع المحيطة والفنادق والمنازل والساحات ، في تلك الساحات تنتشر القدور الكبيرة والتي يطبخ فيها الطعام لهذه الحشود والذي يكون عادة اكلة القيمة وهي عبارة عن حمص مطحون يطبخ مع اللحم المفروم والصلصة والبهارات ويقدم مع الرز .
تنقلنا مع هاشم من مكان إلى آخر ثم اخذنا إلى ساحة تطل عليها شرفة يقف عليها المسؤولون في محافظة كربلاء بلباسهم الزيتوني المميز ليتابعوا ما يجري من احداث ، عندها بدأ يندفع باتجاهنا اعداد غفيرة من الناس يلبسون السواد رجالاً ونساءً بما يدعى بركضة طويريج وهي منطقة لا تبعد كثيرا عن كربلاء يأتي الناس منها مشيا على الاقدام تلبية لنداء نصرة الحسين .
لقد كان يوما استثنائيا شاهدت فيه ما لم اشاهده في حياتي وخزنت فيه صورا ربما لن تتكرر ثانية .