نشامى الاخباري_ مدونة ماجد عبندة
أسست النقابات في الأردن منذ الخمسينات ولم تشكل يوما خطرا على الدولة أو النظام الحاكم حتى عندما اطلق احد المسؤولين على مجلس النقباء اسم “مجلس قيادة الثورة” . لقد تبادلت تيارات مختلفة الأدوار في قيادة النقابات من اليساري والقومي والإسلامي وحتى الرسمي (المستقل) لكن كانت تمر الانتخابات بكل سهولة ويسر ولا تستدعي اي تدخل رسمي الا كمراقب فالهيئة العامة كانت تقوم بالمهمة والأعضاء المنتخبون هم من يشرف ويدير اليوم الانتخابي بكل اريحية .
مر خلال السنوات الماضية الكثير من المنعطفات الخطيرة في العلاقة بين الدولة والنقابات نتيجة مواقف وطنية او قومية انحازت فيها النقابات للموقف الشعبي الذي كان يخالف احيانا الموقف الرسمي لكن كانت تلك الازمات تنتهي بزيارة من رأس السلطات الثلاث أو رئيس وزرائه والتي كانت تلغي كل احتقان وتعيد المياه لمجاريها .
انا لا انكر الانحياز الرسمي احيانا لإحدى الجهات المتنافسة الا ان ذلك الانحياز كان ضمن الحدود المعقولة والتي لا تتقاطع مع المصلحة النقابية او القانون لكل نقابة .
لكن بدأت اولى المحاولات الجادة للتدخل في النقابات عام ٢٠٠٥ حين اصدرت الحكومة قانونا عاما للنقابات يلغي قوانينها جميعا (مثل قانون الجمعيات الخيرية) والذي يحول قوانينها لمجرد أنظمة وانظمتها لمجرد تعليمات يتحكم بها الوزير المعني ، الأمر الذي شكل تهديدا كبيرا لكيانها وبالتالي وقفت كافة النقابات ضد هذا القانون وعملت على اسقاطه .
في السنوات الأخيرة وربما بعد تأسيس نقابة المعلمين ظهرت حالة جديدة من محاولة (السيطرة) على النقابات وليس محاولة التدخل فيها فقط وظهر جليا الاستهداف لبعض النقابات المؤثرة والقوية ، لكن ذلك لم يبرز بشكل واضح الا بعد حل مجلس نقابة المعلمين واحالته للقضاء .
في انتخابات مختلفة للمجالس أو حتى الفروع الكبيرة كانت رائحة التدخلات تفوح فنحن في بلد صغير يعرف بعضنا الاخر وترتبط فيه الناس باواصر عائلية مختلفة تؤدي إلى عدم القدرة على كتمان شيء ، ادت تلك التدخلات إلى تغيير في الوجوه واختلاف في توجهات المجالس المنتخبة الجديدة الا ان قلة الخبرة وحداثة التجربة لتلك المجالس أدى بها إلى أخطاء وتخبطات كبيرة انعكست على ادائها ومستقبل صناديق نقاباتها الأمر الذي أوجد حركة مناهضة قابلتها حركة أقوى لتثبيت تلك المجالس لتكتسب الخبرة على حساب اعضاء الهيئة العامة وصناديق النقابة .
المطلوب الان من السلطة التنفيذية التصالح مع النقابات وإحسان الظن بابنائها والثقة بامكانيتهم لحل مشاكلهم وعدم التدخل بشؤونهم الا بالقدر الذي يسمح به القانون لكي يقرر اعضاء تلك النقابات التي يتمتع اعضاؤها بقدر كبير من الوعي والادراك لتحديد من يقودهم ومن القادر على حل مشكلاتهم .