
مقالات
عبندة يكتب: ذكريات عراقية.. مكتبات بغداد
نشامى الاخباري _ مدونة ماجد عبندة
من أكثر ما يميز بغداد في الثمانينات كثرة مكتباتها بنوعيها المتخصصة لبيع الكتب او القرطاسية او كليهما ، وهذا ليس غريبا على مدينة كانت مركزا للعلم والثقافة والنسخ فقد كان الكتاب يوزن بالذهب في عهد العباسيين ولولا الغزو المغولي لشهدنا مخطوطات في كافة العلوم والاداب ألفها علماء ومفكرين في الطب والهندسة والصيدلة والفقة والحديث والانساب وبحور الشعر والفلك وغيرها .
وحتى في العصر الحديث فقد كانت بغداد هي التي تقرأ ما تكتبه القاهرة وما تطبعه بيروت ، من هنا كان هذا الانتشار الكبير للمكتبات في شوارع بغداد الرئيسية لا بل خصصوا شارعا للكتب وسوقا للمكتبات .
في بداية شارع السعدون تلقاك مجموعة من المكتبات الكبيرة التي يرتادها الناس لشراء الكتب او ربما لقراءتها فقط ففي بغداد لا يتدخل صاحب المكتبة بالزبون ولا يسأله لماذا تقرأ هنا فالكل مشغول بنفسه ، اما شارع المتنبي القريب من باب المعظم فقد كان مخصصا للكتب وفيه من أمهات الكتب والمجلدات الكثير وقد تم تحديثه وتطويره بما يتناسب مع النسق القديم للشارع الا ان تغيرات كبيرة دخلت فحلت محلات جديدة محل المكتبات وغيرت من طبيعة الشارع . سوق السراي او سوق القرطاسية يعج بكافة متطلبات الطلاب والمدارس إضافة إلى محلات التجليد للكتب القديمة وفيها تجد كتب الاطفال والالعاب التعليمية والأدوات الهندسية ومستلزمات الجامعات والمعاهد . سوق السراي يبدأ من شارع المتنبي غربا ويمتد مع امتداد نهر دجلة وهو سوق مسقوف ودكاكينه صغيرة ومتلاصقة .
اثناء دراستي في بغداد كنت اتردد على تلك المكتبات اشتري منها الدفاتر والاقلام والقصص وغيرها وفي احدى السنوات طلب مني الاستاذ محمد العبد عبندة رحمه الله كتبا للشيخ عبدالقادر الجيلاني فوجدتها في سوق السراي فسر بها كثيرا وكنت اشتري قصصا للأطفال لاخواني الصغار من منشورات مديرية ثقافة الطفل والتي كانت تباع بأسعار مدعومة .
بالرغم من تراجع سوق الكتاب في العالم الا ان مكتبات بغداد ما زالت تحافظ على ارثها القديم وتراثها العريق .