نشامى الاخباري _ المهندس عمرو أبو عنقور
في خضم الأزمات التي تواجه القطاع الصحي في الشمال، يقف مستشفى الرمثا الحكومي في واجهة المشهد، مثقلًا بأعباء تفوق قدرته الاستيعابية، ومثّلًا نموذجًا للتحدي بين محدودية الإمكانيات وكثرة المراجعين. وفي هذا السياق، برز الدور الإداري والمهني للدكتور عبد العزيز ذيابات، مدير مستشفى الرمثا، الذي استطاع أن يوازن بين ضغط الواقع ومسؤولية الخدمة، وأن يقود العمل الميداني في ظروف لا تخلو من الصعوبة والتعقيد.
لقد واجه الدكتور ذيابات أزمة مركبة بكل تفاصيلها، واضعًا نصب عينيه أن الحل لا يكون بالتصريحات، بل بالفعل الميداني والانضباط الإداري. فالمستشفى الذي يخدم عشرات الآلاف من المواطنين أصبح اليوم أمام تحدٍّ متصاعد نتيجة لوقف الإعفاءات الطبية وتراجع الدعم الدولي للقطاع الصحي في المناطق التي تستقبل اللاجئين، ما أدى إلى تضاعف أعداد المراجعين بشكل غير مسبوق. ورغم ذلك، لم يسمح الدكتور ذيابات بأن يتعطل العمل أو تتراجع جودة الخدمة، بل أدار الأزمة بحكمة وهدوء ووعي إداري عالٍ.
وفي حديثه الإعلامي عبر برنامج “من هنا نبدأ” على قناة رؤيا، قدّم الدكتور ذيابات قراءة واقعية وشجاعة للمشهد الصحي في الرمثا، مؤكدًا أن المستشفى يقدم الخدمة في جميع الاختصاصات الرئيسية وأن معظم المراجعين يتلقون العلاج في زيارتهم الأولى، معترفًا في الوقت نفسه بوجود ضغط كبير يتطلب معالجة استراتيجية وتوزيعًا أكثر عدالة للكوادر والموارد على مستوى الوزارة. حديثه لم يكن لتبرير الأزمة، بل لتوصيفها بصدق، بعيدًا عن المبالغة أو المجاملة، في موقف يعكس الشفافية والمسؤولية المهنية.
أما فيما يخص قضية نقص الأدوية، فقد وضع الدكتور ذيابات النقاط على الحروف، مؤكدًا أن النقص – إن وُجد – فهو جزئي وغير مؤثر على سير العمل، وأن آلية صرف الأدوية تخضع لبروتوكولات وزارة الصحة بشكل صارم، حمايةً للمريض وضمانًا للعدالة في التوزيع، في وقتٍ يرفض فيه بعض المراجعين الأدوية البديلة رغم فعاليتها المثبتة. هذا الوضوح في الموقف يعكس التزامًا مؤسسيًا حقيقيًا، لا يخضع للضغوط ولا للمطالبات الفردية.
لقد أدرك الدكتور ذيابات أن إدارة الأزمة لا تعني انتظار الحلول المركزية، بل البدء من الداخل بإجراءات عملية تُبقي المؤسسة قائمة وقادرة على تقديم الخدمة. فكان العمل على ضبط نظام الجرد الدوائي، وتنظيم المناوبات وفق أوقات الذروة، ومتابعة الأداء اليومي في الأقسام الحساسة، خطواتٍ متقدمة في نهج الإصلاح الداخلي. هذه الإجراءات وإن لم تُعلن في مؤتمرات، إلا أنها تُترجم يوميًا في الميدان، حيث يلمس المواطن نتائجها في انتظام الخدمة واستمراريتها.
ويُجمع العاملون في القطاع الصحي أن ما يميز الدكتور عبد العزيز ذيابات هو قدرته على إدارة الأزمات بعقلانية وهدوء، دون انفعال أو ارتباك، مستندًا إلى خبرة ميدانية عميقة وإيمانٍ بأن الإدارة الحقيقية تُقاس بالقدرة على الحفاظ على الاستقرار تحت الضغط، لا بالتصريحات أو الوعود.
ورغم كل الجهود المبذولة، فإنّ الدكتور ذيابات لم يتردد في الدعوة إلى إصلاح هيكلي على مستوى السياسات الصحية في الأردن، مؤكدًا أن الحل الجذري يتطلب معالجة الترهل الإداري، وتوزيع الكفاءات بشكل أكثر إنصافًا بين المحافظات، وتعزيز التنسيق بين المستشفيات الحكومية. تلك الرؤية الواقعية تعبّر عن وعي مؤسسي عميق وإدراك لمسؤولية القيادة في زمن الأزمات.
ويعلق أهالي الرمثا آمالًا كبيرة على الجهود التي يقودها الدكتور ذيابات وفريقه، بانتظار الانفراج الذي سيشكّله افتتاح مستشفى الأميرة بسمة الجديد في إربد، والذي من شأنه أن يخفف العبء عن مستشفى الرمثا ويعيد التوازن إلى منظومة الخدمات الصحية في الشمال. غير أن النجاح الحقيقي – كما يرى ذيابات – لا يُقاس بالمباني والمشاريع فحسب، بل بقدرة الإنسان على إدارة هذه المؤسسات بكفاءة ونزاهة والتزام وطني أصيل.
إن نموذج الدكتور عبد العزيز ذيابات في الإدارة الطبية يستحق أن يُدرس ويُبنى عليه. فهو يجسد القيادة الهادئة الحازمة التي تتعامل مع الواقع بوعيٍ ومسؤولية، وتؤمن بأن الإصلاح لا يتحقق بالانتظار، بل بالمبادرة والصدق في العمل. وفي زمنٍ تتزايد فيه الأزمات، يبقى وجود قيادات ميدانية بهذا المستوى من الوعي والانضباط هو الضمان الحقيقي لبقاء مؤسساتنا قوية وقادرة على خدمة المواطن كما يجب.