تشهد النقابات المهنية الاردنية هذه الايام تبادلا سلميا للسلطة في عدد كبير منها نتيجة إجراء الانتخابات لعدد كبير من مجالس النقابات المركزية او فروعها في المحافظات ووفقا للعرف النقابي السائد فان تبادل السلطة يجري بكل سلاسة وهدوء دون اعتراض من كلا المجلسين المغادر او القادم بغض النظر عن طريقة وصول المجلس الجديد سواء كان بالانتخاب او بالتزكية وحتى لو كان المجلس القديم غير راضٍ عن انتخاب المجلس الجديد فبهذه الحالة يسلمه المهام ويرفع قضية لدى المحكمة الإدارية يطعن فيها بصحة انتخابة . وبذلك كانت تطبق النقابات المهنية الاردنية اروع المثل الديموقراطية العليا التي تطبق في الدول المتقدمة ديموقراطيا وكنا دائما نفخر بعدم إنكار الاخر او تغييبه عن المشهد وهذا الذي كان يدفع إخواننا العرب في اتحادات النقابات العربية إلى احترام النقابيين الاردنيين حيث كانوا اذا وصلوا الأردن لحضور اجتماع او مؤتمر نقابي يكون في استقبالهم النقيب الحالي ومجلسه والنقباء السابقين ومجالسهم وهذا الذي كان يعطي المجلس النقابي في الأردن القيمة العليا والاحترام من قبل الجميع وهذا الذي كان يعطيه القوة باتخاذ القرار والتصويت دون الرجوع إلى احد .
اذكر انه في بداية الالفية الثالثة كان يعقد في الأردن مؤتمرا نقابيا لنقابة المهندسين الزراعيين فتم دعوة النقابات العربية المشاركة بالاتحاد . وبدأت المجالس بالحضور تباعا وبلغت نقابتنا بوصول احد الوفود العربية برئاسة النقيب فتوجهوا للمطار للاستقبال فحضر النقيب واوصلوه للفندق بعد عدة ساعات وصل اتصال اخر للنقيب تفيد بموعد وصول النقيب الجديد من نفس الدولة فقد استغل غياب النقيب عن البلاد وأجرى (زحفا) استولى فيه على السلطة في النقابة . فاضطر النقيب للعودة للمطار لاستقبال النقيب الجديد .
اصر كلا النقيبين انه هو النقيب الشرعي وان الاخر غير شرعي فاتخذ الاتحاد قرارا بعقد اجتماع لجميع الوفود بإستثناء الوفد المتنازع عليه قبل الجلسة الرسمية وقرر الاتحاد ان يجلس النقيبين متجاوان ويوضع العلم بينهما وهكذا تم .
بعد عدة سنوات ذهبنا لتلك الدوله العجيبة لحضور مؤتمر فسألنا بطيبة قلب الاردنيين عن النقيب السابق لكن أحدا لم يجبنا وبعضهم ادعى انه لم يسمع السؤال والبعض الاخر نصحنا الا تسألوا عن أشياء ان تبدو لكم تسؤكم .
سيبقى الأردن هو الأردن ولو شاب الحركة النقابية ما شابها في الآونة الاخيرة الا انها ستعود كما كانت وستتعلم من تجاربها الفاشلة كما تعلمت من تجاربها الناجحة .